إسماعيل هنية || في برنامج بلا حدود حول الواقع الفلسطيني بعد 72 عامًا على النكبة
الجزيرة

إسماعيل هنية 


تحدث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في برنامج بلا حدود والذي بثّ على الجزيرة يوم أمس الأربعاء عن الواقع الفلسطيني بعد ٧٢ عامًا من النكبة، لاسيّما وناقوس خطر جائحة كورونا يدق فلسطين وخاصة غزة في ظل حصار خانق، وعن تداعيات تشكيل حكومة إسرائيلية تسعى لضم الأغوار وأجزاء من الضفة الغربية، ومصير المفاوضات حول تبادل الأسرى، وعن جهود المصالحة مع حركة فتح، ونتائج جولته الخارجية.

قال هنية بأن غزة استطاعت ونجحت من خلال جهود كبيرة بذلتها الجهات الحكومية بغزة، بمساهمة وإسناد من حماس، أن تشكل حماية لأبناء شعبنا من جائحة كورونا.

وأضاف أنه رغم هذا النجاح وهذه المواجهة الجدية لهذه الجائحة، إلا أن الخطر ما زال قائمًا بسبب الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من 14 عامًا، وهناك تهديد حقيقي وجدي لأبناء غزة.


وأكد، أن الشعب الفلسطيني متجذر في أرضه، وقادر على كتابة التاريخ وحماية الجغرافيا، وأنه شعب لا يكل ولا يمل رغم كل هذا العدوان السافر.


وأوضح هنية، أننا نعيش اليوم الذكرى ال72 لاغتصاب فلسطين، وتهجير شعبنا، وفرْض هذا الكيان على أرضنا المباركة، مرّ 72 عامًا من التهجير والتهويد والتقسيم، لكن مرّ 72 عامًا من المقاومة والصمود والمواجهة.


وصرح بأن حماس تقدّس الوحدة الوطنية؛ ومن أجل ذلك قدّمت الكثير من التنازلات والمرونة، من أجل إنهاء الانقسام.

وتابع هنية: أحيي أبناء شعبنا في كل مكان، وأخص بالذكر أبطال قرية يعبد قضاء جنين، الذين أكدوا أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يتخلى عن أرضه وقضيته.

وواصل هنية حديثه قائلاً:" نحن مع أي اجتماع جدي وحقيقي يمكن أن يشكل فرصة للتوافق الوطني الفلسطيني، لمواجهة هذه الأخطار التي تهدد القضية الفلسطينية".

وقال : "لم نجد جدية حقيقية تترتب على الاجتماعات السابقة، والذي كان آخرها اجتماع رام الله بُعيد إعلان صفقة القرن، لذلك أي دعوة تفتقر إلى الجدية، ولا تتبنى استراتيجية وطنية، لن تجدي في هذا الوقت".


وتابع، "لقد تعودنا على مثل الاجتماعات بأنها بلا نتائج ولا استراتيجيات، وتستخدم للتغطيات الإعلامية، وأعتقد أنها لا ترضي أبناء شعبنا".


ثم وجه دعوة لمحمود عباس -أبو مازن- بأن يدعو الإطار القيادي المؤقت لاجتماع عاجل ليبحث ثلاثة ملفات أساسية، وهي إعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أساس الاتفاقات السابقة، ومعالجة الوضع السياسي الناتج عن المفاوضات العبثية، والاتفاق على استراتيجية وطنية شاملة ترتب المسار النضالي المقاوم.


وأكد هنية أن كحركة حماس دائمًا مع أي خطوة فلسطينية جادة، وحقيقية لمواجهة المخططات الصهيونية.


وقال:" نريد أن نطلق العنان للمقاومة الشاملة، وعلى رأسها المقاومة المسلحة؛ لأننا أمام خطر كبير، لأن الضم خطوة خطيرة وغير عادية، ويجب أن يكون الرد غير عادي.


وأكد هنية، أن حديث أبو مازن عن الانحلال من كل الاتفاقيات تأخر كثيرًا، وهناك قرارات سابقة، ولم يُطبق منها شيء.


وأشار إلى أن الحروب التي قادتها المقاومة في غزة استطاعت أن تضع حدًا لتغولات العدو الصهيوني، واستطاعت أن تبني نظرية الردع لعدونا الصهيوني


وأكد هنية على أن شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية لا يقل جرأة وقدرة عن غزة، وكذلك أهلنا في الـ48، وشعبنا في الشتات قادر على أن يكون جزءًا منخرطًا بالكامل في مسيرة التحرير والعودة.


وحذر هنية على أننا أمام خطر كبير، وتهديد استراتيجي؛ ويجب أن نواجه بخطة متكاملة، ولا تصلح الخطوات المجتزأة.


وقال "نحن في حماس نرى أنه في ظل الذكرى الـ72 للنكبة، وأمام زيارة وزير الخارجية الأمريكي الذي جاء يدشن المرحلة الإجرامية، ويعطي الغطاء الكامل لحكومة الحرب الإسرائيلية الجديدة، أقول بأن خطتنا تقوم على ما يأتي:


أولًا: توحيد الشعب الفلسطيني في مواجهة هذه الاستراتيجية وخطة الضم والاستيطان والتهويد وشطب حق العودة، نحن إذا توحدنا قادرون على إجهاض أي خطة كانت، وعلينا أن نوحد كل مكونات شعبنا: الحكومة، والمنظمة، والبرنامج السياسي.


ثانيًا: علينا أن نطلق المقاومة الشاملة الواسعة ضد هذه الخطة الإجرامية التي تديرها الولايات المتحدة، وعلينا أن نطلق يد المقاومة بكل ما تمثله في غزة، والضفة لكي نواجه هذا الخطر الداهم.


ثالثًا: بناء تكتل عربي إسلامي ليشكل دعمًا وإسنادًا للموقف الفلسطيني الموحد لإفشال صفقة القرن، القضية الفلسطينية ليس فلسطينية وحسب، بل هي قضية عربية إسلامية، وشعوب أمتنا بذلت وما زالت من أجل حماية القضية الفلسطينية.


وصرح هنية قائلاً:" حركة حماس ومعها فصائل المقاومة لن تسمح مطلقًا بتمرير هذه الخطة الإجرامية، وشعبنا الفلسطيني خزان من الثورة والانتفاضات والمقاومة، وقادر على أن يجهض هذه المخططات".


ووجه هنية التحية لأسرانا في سجون الاحتلال، قائلاً:" إن قضية الأسرى تحتل أعلى الأولويات لدى حماس وكل شعبنا، وتحريرهم واجب مقدس، والمقاومة لن تتوانى في أن تسلك أي طريق لتحريرهم".


ودعا هنية، إلى وقف أي شكل من أشكال التطبيع مع الاحتلال الصهيوني.

وأشار إلى أنه بعد المبادرة التي أطلقتها الحركة على لسان رئيس الحركة في غزة - يحيى السنوار- حصل حراك ما من أجل التحرك وإمكانية إجراء مفاوضات غير مباشرة مع العدو للتوصل لصفقة تبادل شبيهة إن شاء الله بصفقة وفاء الأحرار.

وأضاف "حتى الآن لم يحصل الاختراق المطلوب على صعيد المفاوضات، لأننا نعتبر أن الاحتلال يفتقد الجدية، ويتعامل بقشور الأمور".


وقال بأن "كتائب القسام تمتلك جنودًا صهاينة منذ حرب 2014، والآن نحن في بداية التفاوض، ولم يحصل الاختراق، وإذا تجاوب الاحتلال مع المطالب الفلسطينية للوصول لهذه الصفقة فكان بها، وإلا فالذي عندنا سيبقى عندنا، وسنزيد الغلة.


وأكد هنية، على أن الاحتلال يعلم أن الصفقة لها ثمن، ويجب أن يُطرح على الطاولة، ولن تتم الصفقة إلا إذا كانت مشرفة وترضي شعبنا.


وفي الحديث عن الشأن العربي وعلاقاتهم في الشأن الفلسطيني قال بأن: "الإخوة في جمهورية مصر العربية هم مَن يقومون بدور الوساطة، وهناك بعض الاتصالات من بعض الدول، لكن الجهود الأساسية تتم عبر مصر".


وفي حديثه عن الأسرى الفلسطينيين في السعودية قال: "لدينا أمل في أن يسعى الإخوة في السعودية لطيّ هذه الصفحة، لأننا معنيون بعلاقة طيبة مع المملكة، ولا يصح أن يتم اعتقال أبناء وأشقاء الشعوب العربية والإسلامية في أي من الدول العربية."


وأضاف هنية: "هناك صفحة مؤلمة في العلاقة مع السعودية تمثلت باعتقال 62 ناشطًا، على رأسهم ممثل الحركة في المملكة".


وصرح بأن: "علاقاتنا مع كل الدول العربية والإسلامية طيبة، وننظر إلى جميع الدول على أنها سند وداعم للقضية الفلسطينية، والمملكة العربية السعودية في هذا السياق وهذا الإطار.


وأوضح هنية، أن المحاكمات واللوائح الموجهة للمعتقلين في السعودية مؤسفة ومؤلمة، وغير متوقعة من أي قضاء عربي تجاه أي إنسان فلسطيني يعيش من أجل قضية الأمة.


وبين هنية، أن كل المعتقلين في السعودية كانت أنشطتهم خيرية، ولا يوجد لهم أي نشاط يمسّ أمن المملكة، ونحن لا نتدخل في أي شأن من شؤون الدول العربية، ونعتبر أمن الدول العربية، والمملكة العربية السعودية، جزءًا من أمننا القومي.


ودعا هنية خادم الحرمين أن يتم الإفراج عن المعتقلين، ونحن على أعتاب عيد الفطر السعيد، كما تمنى أن تكون صفحة مشرقة بالإفراج عن هؤلاء المعتقلين.


وفي حديث عن تبادل بين الحوثيين والسعودية على الأسرى الفلسطيني: "نحن رحبنا بمبادرة الحوثي، وعبرنا عن شكرنا له، ولكن لا يوجد هناك حراك جدي وحقيقي بُني على هذه المبادرة.


وأضاف : "حماس ليس لها أي ارتباط تنظيمي أو عضوي خارج فلسطين، ونحن علاقاتنا مع كل مكونات الأمة طيبة".


وبين هنية، أن حماس حركة وطنية فلسطينية، وتعمل داخل أرض فلسطين، وبين أوساط شعبها، واستراتيجية قائمة على مواجهة الاحتلال الصهيوني.


وأكد هنية، على أن خطر صفقة ترامب يمتد إلى البيت العربي، ويجب أن نعيد ترتيب هذا البيت، من أجل قطع يد هذا الخطر.


وقال هنية،:" نريد لكل شعوب الأمة أن تتوحد وتنهي خلافاتها، وأن يعود إليها الاستقرار، وأن تنتهي كل المعارك الطائفية والعرقية لأنها تنهك الجسم العربي، وتغري الاحتلال للاستمرار في ضرب قضية الأمة، ومحاولة الاستيلاء على المسجد الأقصى والقدس.


ودعا هنية، شعوب أمتنا إلى إنهاء حالة التوتر والحروب، واستعادة وحدة الكلمة، لأن صفقة القرن ليست مقصورة على تصفية القضية الفلسطينية، بل لها مسار إقليمي بأن يتم السماح للكيان الصهيوني بأن يتسيد المنطقة العربية بمساعدة أمريكية.


وأكد هنية، أنه لا يوجد خلافات داخل حماس، مشيراً إلى أن حركة حماس حركة كبيرة ممتدة في الداخل والخارج، وفيها طبقات قيادية وتكامل أجيال، وفيها نقاش وحرية رأي وديمقراطية عالية المستوى. وقال:" حركة حماس أكبر من أي فرد وأي قائد، ولها أعراف، وتزداد يومًا بعد يوم تمسكًا ووحدة داخلية.


وبين في حديثه عن طبيعة العلاقات الداخلية في حماس فقال: " أفتخر بأننا الحركة الفلسطينية الوحيدة التي تُجري انتخابات بشكل دوري، وأنا بصفتي رئيس الحركة أريد أن أؤكد أن قيادة الحركة تقود صفًا من الأحرار.

ونفى وجود أي خلافات داخلية في الحركة، فالقرارات في مجلسها تسير ضمن إطار شوري ديمقراطي وحرية رأي.

وحول العلاقة مع مصر قال هنية: " علاقاتنا مع مصر مستقرة ومتطورة وإيجابية، ونرى في مصر دولة جوار كبرى؛ لأنها تشكل عمقًا عربيًا استراتيجيًا، ونحن معنيون بتطوير هذه العلاقة.


وأكد هنية بأن التطبيع لا مكان له في واقعنا العربي والإسلامي، نعم هناك أصوات نشاز، لكنها لا تعبر عن الوعي العربي، فالشعوب العربية مرتبطة بالقدس وفلسطين.

وواصل هنية حديثه قائلاً:"تابعت كمّا هائلًا ومشرفًا من أوساطنا العربية والإسلامية أظهرت صوتًا آخر غير الذي تروجه بعض المسلسلات، وأظهرت أن كل محاولات التطبيع ستفشل.


وأشار، إلى أن العلاقة مع كل الدول العربية والإسلامية طيبة، ونسعى دائما لتطويرها، لأننا نتبنى سياسة الانفتاح على الجميع، ولأن القضية تهم الجميع. وأكد هنية، أن معبر رفح والمصالحة الفلسطينية، والعمق العربي كلها ملفات تديرها جمهورية مصر العربية؛ ونحن معنيون بتطوير العلاقة معها.


وأضاف، :"أن العلاقة مع جمهورية إيران الإسلامية منطلقة من أننا نريد علاقة طيبة مع كل الدول العربية والإسلامية".


وبين هنية، أن الكثير من الدول تقدم لفلسطين المساعدات المالية والإغاثية، مثل دولة قطر وتركيا وغيرهما، وأتوجه لهما بالشكر الجزيل.


وأوضح، أن إيران تقدم على مدار سنوات مساعدات مالية، وعسكرية، وتقنية، ونحن نتعامل مع الكل الدول على أساس ما تقدمه بما يفيد قضية فلسطين وقضية المقاومة.

وأضاف عبرنا عن رفضنا للقاء البرهان مع نتنياهو وطالبنا الأشقاء بالسودان أن يستمر بالانسجام مع تاريخه الداعم لفلسطين والا يجعلوا السودان بوابة للتطبيع مع الاحتلال.


وقال بأن الشعوب العربية مرّ هذا العقد عليها وانشغلت في هموم كثيرة، ربما بدا بأن هناك تراجع في سلم الأولويات بالنسبة للقضية الفلسطينية، لكن عند أي محك نجد بأن القضية الفلسطينية سرعان ما تحتل رأس الأولويات لدى الشعوب العربية والإسلامية، فالضمير العربي هو ضمير حي.


ثم ختم بالترحم على أحمد الكرد أحد قادة حماس الذي وافته المنية قبل أيام، ووجه تحية للمرابطين في القدس الذي يشكلون الخندق المتقدم للكفاح عن المسجد الأقصى وعن القدس.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023